
عند التجوال في أي منطقة من مناطق قطاع غزة من شماله إلى جنوبه إذا تيسرت بضع دقائق من الأمان في ظل تحليق غربان الاحتلال الإسرائيلي في سماء القطاع والذين يقذفون حممهم في أي وقت وعلى أي مكان فقد يشعر المرء لبرهة من الوقت انه يتجول في منطقتي "هيروشيما وناجازاكي " اليابانيتين اللتان تعرضتا لقصف بالقنابل النووية في الحرب العالمية الثانية من قبل الأمريكان , وذلك لحجم الدمار الهائل, ولكن ما يجعل المرء يرجع إلى وعيه ويتأكد من انه داخل قطاع غزة هو مشاهدة وجوه ممن نجوا على الأقل حتى الآن من السكان..الذين تغيرت سحناتهم وما زالوا قابضين على لغتهم ولهجتهم وطباعهم ...

ومنذ اليوم الأول لتلك الحملة الشعواء والمسعورة فقد عمل الإسرائيليون على تدمير البنية التحتية للقطاع من مؤسسات حكومية وخدماتية وحتى بيوت الله لم تسلم من تخريبهم فقد قصفت عشرات المساجد وتم تدميرها بالكامل , وحتى أماكن طلب العلم لم تستثنى من ذلك وخير دليل على ذلك الجامعة الإسلامية في غزة وكلية العلوم والتكنولوجيا في مدينة خان يونس.
شهداء وجرحى بالآلاف , ومن المفترض بحجم أعداد هؤلاء الشهداء الذين سقطوا ومازالوا أن يكون في مثل عددهم بيوت للعزاء في كل أنحاء القطاع ولكنه بالكاد يكون واحدا أو اثنين وهذا يرجع إلى أمرين أولهما هو تعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف واستهداف الكثير من بيوت العزاء ما يثير التخوف عند باقي المواطنين , والأمر الثاني وهو أن الغالبية العظمى من الشهداء يكونون قد ارتقوا إلى العلا في عملية هدم وقصف لمنازلهم فوق رؤوسهم وبالتالي من نجا من أهلهم يصبح لاجئ ولا مكان ولا وقت لتقبل العزاء فيهم ...
أما الجرحى فعذابهم بجروحهم الخطرة والطفيفة وعذابهم أيضا بالخطر المحدق على حياتهم جراء استهداف المستشفيات وكل المؤسسات الطبية كما حصل في مجمع الشفاء الطبي ومستشفى النصر وأخيرا مستشفى القدس التابع للهلال الأحمر الفلسطيني , وحتى رجال الإسعاف والدفاع المدني والصحافيين قد طالتهم نيران القصف واستشهد العديد منهم.

لاتوجد مدرسة تابعة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) لايوجد بها لاجئين من كافة مناطق قطاع غزة , وكل أوضاعهم المأساوية تعيد إلى الأذهان مشاهد الأجداد والآباء الذين نزحوا عام 1948م ولكن كان مأواهم الخيام أما الآن فمأوى سكان القطاع اللاجئين هي مدارس الوكالة , ولا غرابة في أن نتحدث أن الدمار والقصف قد لحقهم أيضا في المدارس التي لجئوا إليها وارتكب بحقهم عددا من المجازر وكان أكبرها مجزرة مدرسة الفاخورة في شمال القطاع.

No comments:
Post a Comment