نفى وزير الاتصال، السيد عبد الرشيد بوكرزازة، أن تكون وزارته قررت مسح ديون الناشرين الخواص، كما نقلته الصحافة قبل يومين استنادا إلى تصريحات منسوبة إليه. وشدد بوكرزازة على أنه ليس هناك استثناءات في هذه القضية، وأن الجميع مطالب بالخضوع لنفس القواعد التجارية.جاء تصريح بوكرزازة ردا عن أسئلة طرحتها عليه يومية ”لكسبريسيون” الصادرة أمس، حيث عبّر وزير الاتصال عن دهشته لما نقلته الصحافة عنه يوم السبت من أن الحكومة قررت مسح ديون الجرائد الخاصة لدى المطابع. ووصف الوزير ما نسب إليه بـ”التعتيم الإعلامي”. وقال: ”أكذب شكلا ومضمونا الخبر الذي تناقلته الصحف التي أعلنت مسح ديون الصحف الخاصة”. مشيرا إلى أن قضية مسح ديون الناشرين ”لم تطرح أبدا، وأؤكد أنها لم تكن محل نقاش، ولا توجيهات، ولا أوامر، ولا إرادة التوجه نحو هذا”. ولم يتوقف الوزير عند هذا الحد، بل عبّر في تصريحه بالمناسبة عن دهشته عند قراءته لهذا الخبر في الصحف، متسائلا: ”من أين اخترعوها (أي الجرائد)، لم أدل بتصريحات في هذا الخصوص”.واستغرب وزير الاتصال أن تنقل الجرائد الخاصة الخبر، في حين أنه لم يلتق يوم الخميس سوى الجرائد العمومية.لكن خبر مسح الديون لم تنقله الصحف الخاصة من وحيها بل نقلته عن وكالة الأنباء الجزائرية، الوكالة الرسمية التابعة لوزير الاتصال، السيد عبد الرشيد بوكرزازة، حيث جاء في برقية مؤرخة في 16 جويلية 2008، ووزعت في الثامنة و58 دقيقة ما يلي: ”أعلن السيد عبد الرشيد بوكرزازة، وزير الاتصال، اليوم الأربعاء بالجزائر العاصمة، عن تطهير ديون مؤسسات الطباعة المقدرة بمليار ونصف مليار (5,1) د.ج مع مسح ديون لناشرين خواص مقدرة بمليارين ونصف (5,2) د.ج”.. ولسنا ندري هل اطلع السيد الوزير عن هذه البرقية أم لا؟على صعيد آخر، تتجه وزارة الاتصال في إطار سياسة إعادة إلحاق المؤسسات الإعلامية التابعة للقطاع العمومي بوصايتها، بعد قرار الحكومة الصادر في جانفي الماضي، إلى تطهير محافظ مؤسسات النشر والإشهار والطباعة، تمهيدا لتغيير طبيعتها القانونية التي ستنتقل من ”شركة الشخص الوحيد ذات المسؤولية المحدودة” إلى شركات ذات أسهم.واعتمدت وزارة عبد الرشيد بوكرزازة خطة ترتكز على ثلاث مراحل: تبدأ أولاها من مطالبة المعلنين العموميين وعددهم 704 معلن، بتسديد الديون المترتبة عليهم لصالح وكالة النشر والإشهار، ودعوة وكالة النشر والإشهار بتسديد ديون المطابع على الجرائد الدائنة، على أن تستفيد من الفارق إلا بعد تغطية التزاماتها تجاه المطابع، وأخيرا إلزام المطابع بتسديد الديون المستحقة عليها للشركة الجزائرية للورق ”ألباب”. وتهدف الحكومة من خلال قرار مسح الديون إلى تحقيق أهداف استراتيجية النهوض بقطاع الاتصال، التي تضمنها ”الكتاب الأبيض” الذي تمت صياغته في فترة مرور الهاشمي جيار على وزارة الاتصال. حيث ينتظر منها تعزيز حضور الدولة في قطاع الاتصال بواسطة تقوية وسائل الإعلام العمومية ومساعدة الجرائد المملوكة للدولة وجعلها قادرة على ”أخذ مكانها” في الساحة الإعلامية الوطنية التي ”تعاني من منافسة غير شريفة وعدم تكافؤ الفرص”، حسب الكتاب الأبيض. وحسب ملامح هذه الخطة، فإن ”وزير الاتصال يبني تحركاته وفقا لتعليمة أصدرها رئيس الجمهورية بتاريخ 24 سبتمبر 2006، والتي أمر فيها بإعطاء قطاع الإعلام الأولوية في برنامج الحكومة”. وتشير وثيقة تحصلت عليها ”الخبر”، إلى أن 37 جريدة من مجموع 43 (من بينها 6 عمومية) قامت وزارة الاتصال بدراسة وضعيتها المالية وموقعها في السوق، تستفيد من مساعدات الحكومة، وأن هذه الجرائد غير حزبية وحضورها يضمن نوعا من التعددية الإعلامية، هي ”اليوم مهددة بالاختفاء إذا لم تتدخل الدولة بتحديد سياسة واضحة لإعانتها بصفة مباشرة أو غير مباشرة من أجل البقاء”.ويمكن تلخيص أسباب هذا القلق الحكومي ـ إن صح الوصف ـ باستقرار السحب الإجمالي، وهيمنة الصحافة الإخبارية اليومية، وضعف الصحافة الجهوية أو المحلية والصحافة المتخصصة، بالإضافة إلى غياب سلطة للضبط، ووجود فراغات في الإطار القانوني القائم وغياب تام لاستراتيجية اتصال مؤسساتي. وفي نفس السياق، تفيد الوثيقة أن الشركة الجزائرية للورق، التي تملكها كل من المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ووكالة النشر والإشهار والمطابع العمومية الخمس، دائنة للمطابع مبلغ 9,2 مليار دينار، أي 52 في المائة من إجمالي مديونية المطابع العمومية، وأنها لم تقبض لحد الآن أي مقابل عن عملياتها التجارية مع المطابع للفترة قبل .2004أما ما تعلق بديون المطابع على الجرائد، فإنها تساوي 400 مليار سنتيم، بينما تقدر قيمة المستحقات التي ينتظر الناشرون الخواص والعموميون من الوكالة الوطنية للنشر والإشهار تسديدها بـ288 مليار سنتيم. وتعترف الوثيقة بأن الوكالة غير قادرة على الوفاء بهذه المبالغ التي هي عبارة عن ميزانيات الإشهار على مستوى الوزارات 27، بالإضافة إلى مصالح رئاسة الحكومة، وتقدر قيمتها بـأكثر من 400 مليار سنتيم. للإشارة، جريدتا ”الخبر” و”الوطن” غير معنيتين بالعملية لكونهما لا تربطهما أية علاقة بوكالة النشر والإشهار ولا تستفيدان منها بأي شيء، ولا علاقة لهما أيضا بمطابع الحكومة بعدما قررتا الاستقلالية من خلال شراء مطابع خاصة بهما.
No comments:
Post a Comment