بقلم - صلاح عيسي فى المصرى اليوم
قرر المجلس الأعلي للصحافة، في نهاية اجتماعه يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، تأجيل موافقته علي طبع جريدة «الشروق» اليومية، التي تصدر عن شركة يرأس مجلس إدارتها الناشر المعروف «إبراهيم المعلم».. وتشكيل لجنة خاصة للنظر في مدي صحة الترخيص، ومدي قانونية صدور الجريدة، علي ضوء ملاحظة أبداها اثنان من الصحفيين أعضاء المجلس هما صلاح منتصر ود. رفعت السعيد، خلاصتها أن من بين المساهمين في ملكية الجريدة اثنين من المقيدين في جداول نقابة الصحفيين، هما سلامة أحمد سلامة وحسن المستكاوي، وهو ما يشكل مخالفة صريحة لقانون النقابة، الذي يحظر علي أعضائها امتلاك الصحف أو المشاركة في ملكيتها!
وهي ملاحظة فندها المستشار «محمد الدكروري» - عضو المجلس - الذي أكد أن امتلاك الأسهم في أي شركة هو حق دستوري، وأن حظر امتلاك أعضاء نقابة الصحفيين للصحف، أو مساهمتهم في ملكيتها، هو أمر يخص النقابة، ولا صلة له بقانون إنشاء الشركات المساهمة، أو بقانون تنظيم الصحافة، الذي يحدد شروط ملكية الصحف وإصدارها، ولا ينطوي علي أي شرط من هذا النوع!
وأصل المشكلة أن نقابة الصحفيين تأسست عام ١٩٤١، استناداً إلي قانون يعتبرها «نقابة مختلطة»، تجمع في عضويتها بعض ملاك الصحف والعاملين فيها من المحررين، وكان من بعض شروط القيد في النقابة أن يكون العضو مالكاً لصحيفة، أو ممثلاً للمالك، أو مديراً لها، أو رئيساً لتحريرها، أو محرراً فيها.. بل إن مجلس إدارتها كان يتشكل من ١٢ عضواً، ينتخب ستة منهم من بين ملاك الصحف، وينتخب الستة الآخرون من بين المحررين ورؤساء التحرير.
وفي عام ١٩٥٥ صدر قانون جديد لنقابة الصحفيين، تحولت بمقتضاه من نقابة مختلطة تجمع بين الملاك والمحررين، إلي نقابة للمحررين وحدهم، ونص القانون صراحة علي أن تقتصر عضوية النقابة علي الصحفيين المحترفين - أي المتفرغين للعمل بالصحافة وحدها - الذين لا يملكون صحيفة أو وكالة أنباء تعمل في مصر، أو يكونون شركاء أو مساهمين في رأسمالها.. وكان هذا هو النص نفسه، الذي أخذ به قانون النقابة القائم الآن والصادر عام ١٩٧٠.
وكان وراء هذا التعديل إلحاح من محرري الصحف، الذين كشفت لهم تجربة السنوات بين ١٩٤١ و١٩٥٥ عن أن النقابة المختلطة التي تجمع بين أصحاب الصحف والمحررين، ويديرها مجلس يتقاسمه الطرفان، لا يمكن أن تدافع عن مصالحهم بقوة، بل إنها تقوم علي فلسفة تتناقض مع الفلسفة التي نشأت استناداً إليها النقابات باعتبارها تنظيماً يدافع عن حقوق الأجراء في مواجهة تعسف أصحاب الأعمال، أو اختصامهم بهذه الحقوق، سواء في الأجور أو العلاوات أو الإجازات، أو التأمين ضد البطالة والرعاية الصحية والاجتماعية.
ومنذ عام ١٩٥٥ وطبقاً للقاعدة التي أرساها قانون نقابة الصحفيين لذلك العام، كان يفترض أن يخير أعضاءها الذين يملكون صحفاً أو يساهمون في ملكيتها، بين عضويتهم في النقابة وبين ملكيتهم الصحف، لكن عقبات قامت أمام ذلك، كان من بينها أن معظم الصحف المصرية كانت منذ صدورها شركات عائلية، تملكها وتحررها عائلات تشتغل بالصحافة، مثل «آل تقلا» و«آل أبوالفتح» و«آل زيدان» و«آل ثابت»، وأن عضوية نقابة الصحفيين أصبحت شرطاً لممارسة المهنة، وهو ما يعني أنه كان علي صحفيين مثل علي أمين ومصطفي أمين، ومحمود وأحمد أبوالفتوح، وإحسان عبدالقدوس، وفكري أباظة أن يختاروا بين ملكية الصحف أو المساهمة في ملكيتها، وبين ممارستهم مهنة الصحافة..
وفي مواجهة هذه العقبة، ظل الحال علي ما هو عليه، وجمع هؤلاء بين عضوية النقابة وملكية الصحف، إلي أن صدر قانون تأميم الصحافة عام ١٩٦٠، وتحول الجميع إلي أجراء.. ولم تعد هناك مشكلة!
لكن المشكلة عادت للبروز منذ عام ١٩٨٠، حين أقر نظرياً حق إنشاء شركات لإصدار الصحف، وتفاقمت منذ عام ٢٠٠٤ حين تزايد عدد الشركات التي تصدر صحفاً، وستزداد تصاعداً كلما تزايد عدد هذه الشركات وساهم فيها صحفيون..
وهي مشكلة تخص - كما ذهب المستشار الدكروري - نقابة الصحفيين، ولا يجوز تعطيل إصدار «الشروق» بسببها، لأن في ذلك تعسفاً في فهم نص القانون، وغاية ما يملكه المجلس الأعلي للصحافة هو أن يخطر النقابة رسمياً بأن من بين أعضائها من يساهمون في ملكية الصحف، لتطبيق قانونها - إذا شاءت - عليهم..!
أما حلها الجذري، فهو أن تأخذ مصر بالصيغة اللبنانية، بحيث تكون هناك نقابة للمحررين، تضم الأجراء.. ونقابة للصحافة تضم ملاك الصحف والمساهمين في ملكيتها، ويكون للنقابتين -كل في اختصاصه - حق الترخيص بمزاولة المهنة!
قرر المجلس الأعلي للصحافة، في نهاية اجتماعه يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، تأجيل موافقته علي طبع جريدة «الشروق» اليومية، التي تصدر عن شركة يرأس مجلس إدارتها الناشر المعروف «إبراهيم المعلم».. وتشكيل لجنة خاصة للنظر في مدي صحة الترخيص، ومدي قانونية صدور الجريدة، علي ضوء ملاحظة أبداها اثنان من الصحفيين أعضاء المجلس هما صلاح منتصر ود. رفعت السعيد، خلاصتها أن من بين المساهمين في ملكية الجريدة اثنين من المقيدين في جداول نقابة الصحفيين، هما سلامة أحمد سلامة وحسن المستكاوي، وهو ما يشكل مخالفة صريحة لقانون النقابة، الذي يحظر علي أعضائها امتلاك الصحف أو المشاركة في ملكيتها!
وهي ملاحظة فندها المستشار «محمد الدكروري» - عضو المجلس - الذي أكد أن امتلاك الأسهم في أي شركة هو حق دستوري، وأن حظر امتلاك أعضاء نقابة الصحفيين للصحف، أو مساهمتهم في ملكيتها، هو أمر يخص النقابة، ولا صلة له بقانون إنشاء الشركات المساهمة، أو بقانون تنظيم الصحافة، الذي يحدد شروط ملكية الصحف وإصدارها، ولا ينطوي علي أي شرط من هذا النوع!
وأصل المشكلة أن نقابة الصحفيين تأسست عام ١٩٤١، استناداً إلي قانون يعتبرها «نقابة مختلطة»، تجمع في عضويتها بعض ملاك الصحف والعاملين فيها من المحررين، وكان من بعض شروط القيد في النقابة أن يكون العضو مالكاً لصحيفة، أو ممثلاً للمالك، أو مديراً لها، أو رئيساً لتحريرها، أو محرراً فيها.. بل إن مجلس إدارتها كان يتشكل من ١٢ عضواً، ينتخب ستة منهم من بين ملاك الصحف، وينتخب الستة الآخرون من بين المحررين ورؤساء التحرير.
وفي عام ١٩٥٥ صدر قانون جديد لنقابة الصحفيين، تحولت بمقتضاه من نقابة مختلطة تجمع بين الملاك والمحررين، إلي نقابة للمحررين وحدهم، ونص القانون صراحة علي أن تقتصر عضوية النقابة علي الصحفيين المحترفين - أي المتفرغين للعمل بالصحافة وحدها - الذين لا يملكون صحيفة أو وكالة أنباء تعمل في مصر، أو يكونون شركاء أو مساهمين في رأسمالها.. وكان هذا هو النص نفسه، الذي أخذ به قانون النقابة القائم الآن والصادر عام ١٩٧٠.
وكان وراء هذا التعديل إلحاح من محرري الصحف، الذين كشفت لهم تجربة السنوات بين ١٩٤١ و١٩٥٥ عن أن النقابة المختلطة التي تجمع بين أصحاب الصحف والمحررين، ويديرها مجلس يتقاسمه الطرفان، لا يمكن أن تدافع عن مصالحهم بقوة، بل إنها تقوم علي فلسفة تتناقض مع الفلسفة التي نشأت استناداً إليها النقابات باعتبارها تنظيماً يدافع عن حقوق الأجراء في مواجهة تعسف أصحاب الأعمال، أو اختصامهم بهذه الحقوق، سواء في الأجور أو العلاوات أو الإجازات، أو التأمين ضد البطالة والرعاية الصحية والاجتماعية.
ومنذ عام ١٩٥٥ وطبقاً للقاعدة التي أرساها قانون نقابة الصحفيين لذلك العام، كان يفترض أن يخير أعضاءها الذين يملكون صحفاً أو يساهمون في ملكيتها، بين عضويتهم في النقابة وبين ملكيتهم الصحف، لكن عقبات قامت أمام ذلك، كان من بينها أن معظم الصحف المصرية كانت منذ صدورها شركات عائلية، تملكها وتحررها عائلات تشتغل بالصحافة، مثل «آل تقلا» و«آل أبوالفتح» و«آل زيدان» و«آل ثابت»، وأن عضوية نقابة الصحفيين أصبحت شرطاً لممارسة المهنة، وهو ما يعني أنه كان علي صحفيين مثل علي أمين ومصطفي أمين، ومحمود وأحمد أبوالفتوح، وإحسان عبدالقدوس، وفكري أباظة أن يختاروا بين ملكية الصحف أو المساهمة في ملكيتها، وبين ممارستهم مهنة الصحافة..
وفي مواجهة هذه العقبة، ظل الحال علي ما هو عليه، وجمع هؤلاء بين عضوية النقابة وملكية الصحف، إلي أن صدر قانون تأميم الصحافة عام ١٩٦٠، وتحول الجميع إلي أجراء.. ولم تعد هناك مشكلة!
لكن المشكلة عادت للبروز منذ عام ١٩٨٠، حين أقر نظرياً حق إنشاء شركات لإصدار الصحف، وتفاقمت منذ عام ٢٠٠٤ حين تزايد عدد الشركات التي تصدر صحفاً، وستزداد تصاعداً كلما تزايد عدد هذه الشركات وساهم فيها صحفيون..
وهي مشكلة تخص - كما ذهب المستشار الدكروري - نقابة الصحفيين، ولا يجوز تعطيل إصدار «الشروق» بسببها، لأن في ذلك تعسفاً في فهم نص القانون، وغاية ما يملكه المجلس الأعلي للصحافة هو أن يخطر النقابة رسمياً بأن من بين أعضائها من يساهمون في ملكية الصحف، لتطبيق قانونها - إذا شاءت - عليهم..!
أما حلها الجذري، فهو أن تأخذ مصر بالصيغة اللبنانية، بحيث تكون هناك نقابة للمحررين، تضم الأجراء.. ونقابة للصحافة تضم ملاك الصحف والمساهمين في ملكيتها، ويكون للنقابتين -كل في اختصاصه - حق الترخيص بمزاولة المهنة!
No comments:
Post a Comment